محمد عصمت
لم يعد أمامنا وقت طويل حتى نشهد ــ رسميا ــ انهيار النظام العالمى الراهن وكأنه قصر من الرمال، بعد غزوات فيروس كورونا التى ضربت الأرض من مشارقها إلى مغاربها، ونسفت كل مفاهيم العولمة وخاصة فى جانبها الاقتصادى والذى كان مبنيا على تجزئة الصناعات التكنولوجية الحديثة بين أكثر من بلد، للوصول إلى آليات إنتاجية أكثر كفاءة كنتيجة لتخصص دول معينة فى صناعات محددة، حيث بدأت هذه الدول فى التفكير مليا فى الاعتماد على الذات حتى لا ترهن قدراتها الاقتصادية والصناعية على ما يحدث خارج حدودها.
مراكز صنع القرار ومؤسسات الأبحاث فى الدول الغربية الكبرى أمامها الآن تحديات جديدة بعد أن سقطت فى امتحانين مصيريين، الأول يتعلق بعجزها عن تجنب الأزمة الاقتصادية المنتظرة والتى بدأت تنذر بخسائر فادحة فى البورصات العالمية وإفلاس آلاف الشركات وقبل ذلك العجز الفادح فى ميزانيات هذه الدول وارتفاع مديونياتها لأرقام فلكية، والثانى فى فضيحة الأنظمة الصحية بها والتى أدى عدم كفاءتها لوقوع مآسٍ انسانية مروعة بموت آلاف المرضى المصابين بالفيروس.
كل الشواهد تكاد تؤكد أننا سوف نواجه مرحلة سيولة فى العلاقات الدولية فى الفترات القادمة، اللاعبون الكبار على المسرح الدولى سينكفئون على ذواتهم، لن يستطيعوا لعب نفس الأدوار التى كانوا يلعبونها من قبل، أمريكا الدولة الأقوى فى العالم ستدخل عام الانتخابات الرئاسية وهى تحمل لعنة كورونا باعتبارها البلد الأكثر إصابة بالفيروس، الاتحاد الاوروبى فقد شرعيته الأخلاقية بعد أن تصرفت دوله بمنتهى الأنانية فى مواجهة كورونا، ورفضت مساعدة الدول الأكثر تعرضا لضربات الفيروس كإيطاليا وصربيا، أما الصين وإن كانت تسير بخطى ثابتة لمنافسة أمريكا على زعامة العالم إلا أنها تدرك جيدا أن الوقت لتحقيق هذا الهدف لم يأتِ بعد، وأن واشنطن ستقاتل باستماتة للدفاع عن مكانتها العالمية، ولن تكون صيدا سهلا للطموح الصينى فى الانفراد بزعامة العالم، فى حين يبدو الدب الروسى كرجل يتعافى من مرض قديم ويبحث عن امبراطوريته السوفييتية السابقة معتمدا على قدرات عسكرية هائلة ولكن باقتصاد ضعيف ومتراجع تكنولوجيا.
فى ظل هذه الأوضاع الانتقالية وانغماس الدول الكبرى فى مشاكلها الداخلية وبحثها عن توازنات دولية جديدة تدير بها شئون العالم وعلاقاتها ببعضها البعض، فإن فرص اندلاع أزمات إقليمية فى العديد من مناطق العالم تبدو مرتفعة، بنفس القدر الذى تتوافر فيه فرص حقيقية لحل هذه الأزمات إن توافرت الارادة والرؤية الصحيحة لمصالح دولها.
ففى الشرق الأوسط مثلا هناك مخاطر لتأجيج نيران المواجهات السنية الشيعية بين دول الخليج وعلى رأسها السعودية وإيران، وهناك فرص حقيقية لوضع حد لهذه المواجهات بعيدا عن التأثيرات الأمريكية التى تلعب دورا خطيرا فى إشعالها. وهناك أيضا مخاطر من اندلاع موجات جديدة من العمليات الارهابية، فى مقابل فرص متاحة لتبنى سياسات حكم رشيدة وديمقراطية تنزع من فكر التطرف الدينى مبررات وجوده. وهناك مخاطر من مغامرات إسرائيلية لضرب حماس أو حزب الله فى جنوب لبنان أو حتى قصف إيران، وهناك فرص لبناء نظام إقليمى عربى جديد يكبح جماح التوجهات العدوانية الإسرائيلية، ويؤسس لعلاقات على أسس مختلفة مع إيران وحتى تركيا.
حتى الآن، نبدو فى معظم عالمنا العربى وكأننا خارج التاريخ، لن نسمع حتى الآن أى تصريحات رسمية من هذه الدولة أو تلك تبين مواقفها ولا نقول استعداداتها لمواجهة تبعات زلزال كورونا بكل عمليات الهدم والبناء التى تجرى فى العالم، دون أن ندرى هل تستمر العقلية السلطوية التى تحكم شعوبنا فى الداخل لاتباع سياسات ترضى أمريكا، أم أن الوقت قد حان لنجرب الانفتاح على القيم الديمقراطية باعتبارها البوابة الوحيدة لبناء دول قوية تحافظ على مصالح أبنائها؟
المؤكد أننا إن لم نستعد للتفاعل مع عالم ما بعد كورونا فسوف نظل كما نحن على هامش النظام العالمى الجديد، بلا وزن ولا قيمة ولا قدرة على تحقيق مصالحنا الحقيقية.
كل الشواهد تكاد تؤكد أننا سوف نواجه مرحلة سيولة فى العلاقات الدولية فى الفترات القادمة، اللاعبون الكبار على المسرح الدولى سينكفئون على ذواتهم، لن يستطيعوا لعب نفس الأدوار التى كانوا يلعبونها من قبل، أمريكا الدولة الأقوى فى العالم ستدخل عام الانتخابات الرئاسية وهى تحمل لعنة كورونا باعتبارها البلد الأكثر إصابة بالفيروس، الاتحاد الاوروبى فقد شرعيته الأخلاقية بعد أن تصرفت دوله بمنتهى الأنانية فى مواجهة كورونا، ورفضت مساعدة الدول الأكثر تعرضا لضربات الفيروس كإيطاليا وصربيا، أما الصين وإن كانت تسير بخطى ثابتة لمنافسة أمريكا على زعامة العالم إلا أنها تدرك جيدا أن الوقت لتحقيق هذا الهدف لم يأتِ بعد، وأن واشنطن ستقاتل باستماتة للدفاع عن مكانتها العالمية، ولن تكون صيدا سهلا للطموح الصينى فى الانفراد بزعامة العالم، فى حين يبدو الدب الروسى كرجل يتعافى من مرض قديم ويبحث عن امبراطوريته السوفييتية السابقة معتمدا على قدرات عسكرية هائلة ولكن باقتصاد ضعيف ومتراجع تكنولوجيا.
فى ظل هذه الأوضاع الانتقالية وانغماس الدول الكبرى فى مشاكلها الداخلية وبحثها عن توازنات دولية جديدة تدير بها شئون العالم وعلاقاتها ببعضها البعض، فإن فرص اندلاع أزمات إقليمية فى العديد من مناطق العالم تبدو مرتفعة، بنفس القدر الذى تتوافر فيه فرص حقيقية لحل هذه الأزمات إن توافرت الارادة والرؤية الصحيحة لمصالح دولها.
ففى الشرق الأوسط مثلا هناك مخاطر لتأجيج نيران المواجهات السنية الشيعية بين دول الخليج وعلى رأسها السعودية وإيران، وهناك فرص حقيقية لوضع حد لهذه المواجهات بعيدا عن التأثيرات الأمريكية التى تلعب دورا خطيرا فى إشعالها. وهناك أيضا مخاطر من اندلاع موجات جديدة من العمليات الارهابية، فى مقابل فرص متاحة لتبنى سياسات حكم رشيدة وديمقراطية تنزع من فكر التطرف الدينى مبررات وجوده. وهناك مخاطر من مغامرات إسرائيلية لضرب حماس أو حزب الله فى جنوب لبنان أو حتى قصف إيران، وهناك فرص لبناء نظام إقليمى عربى جديد يكبح جماح التوجهات العدوانية الإسرائيلية، ويؤسس لعلاقات على أسس مختلفة مع إيران وحتى تركيا.
حتى الآن، نبدو فى معظم عالمنا العربى وكأننا خارج التاريخ، لن نسمع حتى الآن أى تصريحات رسمية من هذه الدولة أو تلك تبين مواقفها ولا نقول استعداداتها لمواجهة تبعات زلزال كورونا بكل عمليات الهدم والبناء التى تجرى فى العالم، دون أن ندرى هل تستمر العقلية السلطوية التى تحكم شعوبنا فى الداخل لاتباع سياسات ترضى أمريكا، أم أن الوقت قد حان لنجرب الانفتاح على القيم الديمقراطية باعتبارها البوابة الوحيدة لبناء دول قوية تحافظ على مصالح أبنائها؟
المؤكد أننا إن لم نستعد للتفاعل مع عالم ما بعد كورونا فسوف نظل كما نحن على هامش النظام العالمى الجديد، بلا وزن ولا قيمة ولا قدرة على تحقيق مصالحنا الحقيقية.
بوابة الشروق