ريم آفريك : لم تخف المملكة المغربية ابتهاجها بنهاية حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، حيث تحركت الدبلوماسية المغربية بقوة لتسريع وتيرة العلاقة مع نواكشوط، بعد سنوات من الجفاء والتوتر بين القصر الرئاسي في نواكشوط والمخزن المغربي
احتضان الانقلاب
رعت المملكة المغربية انقلاب الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز على الرئيس الأسبق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ولا يزال الموريتانيون يذكرون اللقاء الذي خص به الملك المغربي الجنرال محمد ولد عبد العزيز فترة قليلة قبل الانقلاب العسكري، حين كان ولد عبد العزيز موفدا من الرئيس سيدي للقاء الملك السادس.
وبعد الانقلاب العسكري تسارعت وتيرة التقارب بين نواكشوط والرباط، وكان ياسين المنصوري كبير الاستخبارات المغربية أول مسؤول يزور موريتانيا بعد الانقلاب، قبل أن تتعزز العلاقة بشكل غير مسبوق، وبدأت الصحافة المغربية تتحدث عن الأصول المغربية للرئيس عزيز، وعلاقة أسرته بالمغرب
وفي مقابل ذلك توترت العلاقة بشكل غير مسبوق بين نواكشوط والجزائر التي بادرت باتخاذ إجراءات اقتصادية ضد موريتانيا بينما كان مواطنها الدبلوماسي رمضان لعمامرة يشد الخناق على مفاوضي الجنرال عزيز لدى الاتحاد الإفريقي ومختلف الهيئات الدولية.
التوجس والترقب : بدأ مؤشر العلاقة بين الطرفين في التوتر بعد مؤشرات تقارب متعددة بين نواكشوط والجزائر، ومع رفض نواكشوط بشكل قاطع فتح قنصلية لها في مدينة الداخلة، وهو الرفض الذي أثار غضب المغاربة.
أزمة السفير : لم يستسغ المغاربة الخروج المتواصل لولد عبد العزيز عن الحضن المغربي، وجاءت أزمة السفير السابق المرحوم عبد الرحمن بن عمر لتضيف بعدا جديدا للأزمة بين الطرفين، وذلك مع إصرار ولد عبد العزيز على استبدال السفير المذكور، ورفض الرباط بشكل دائم، ثم جاءت بعد ذلك أزمة مراسل وكالة الأنباء المغربية الذي طردته موريتانيا بحجة تجاوز صلاحياته والتدخل في خصوصيات موريتانية.
وفي مقابل رفض المغرب لاستبدال سفيره في نواكشوط، قرر ولد عبد العزيز أيضا عدم تعيين أي سفير في المغرب لمدة تزيد على أربع سنوات، خافضا بذلك التمثيل الدبلوماسي لموريتانيا في المغرب إلى درجة دنيا
وفي ثنايا الأزمة واصلت المملكة المغربية استقبال عدد كبير من خصوم ولد عبد العزيز وخصوصا رجلي الأعمال محمد ولد بوعماتو والمصطفى ولد الشافعي.
زيارة الملك وأزمة العرافة : تحدث الكثيرون عن “تشاؤم” الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز من “مصافحة “الملك محمد السادس، نتيجة نصيحة عرافة موريتانية، وهي الشائعة التي يسخر منها مقربون من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وينسب إليها بعض خصومه أسباب تأجيل زيارة الملك المغربي إلى نواكشوط عدة مرات، وحرم الطرفين أيضا من لقاءات خارج موريتانيا، بينما تؤكد مصادر دبلوماسية موريتانية أن نواكشوط رفضت فقط أن تكون جزء من جولة الملك محمد السادس داعية إلى زيارة رسمية وخاصة.
السير نحو المصالحة
مع النصف الأخير للمأمورية الثانية للرئيس محمد ولد عبد العزيز بدأت المغرب تتجه إلى “فرض تطبيع ” للعلاقة مع موريتانيا، وربما يكون الأمر من أجل التهيئة لما بعد ولد عبد العزيز، خصوصا بعد أن أصبح طريق الواردات المغربية إلى إفريقيا مرورا بموريتانيا يشكو من عقبات ومضايقات متعددة.
مسرحية شباط
أثارت تصريحات رئيس حزب الاستقلال المغربي حميد شباط بشأن تبعية موريتانيا للمغرب استياء واسعا في نواكشوط، وبادر حزب الاتحاد من أجل الجمهورية إلى الرد بقساوة على شباط وتذكيره بأن المرابطين انطلقوا من موريتانيا نحو المغرب
لكن المراقبين متعددين لا يستبعدون أن يكون المخزن المغربي يقف وراء تصريحات شباط، وذلك من أجل إيجاد مسوغ لبدء مفاوضات مفتوحة مع موريتانيا.
وبادرت السلطات المغربية بإرسال الوزير الأول المغربي عبد الإله بن كيران ووزير الخارجية أبو ريطة إلى ازويرات للاعتذار للرئيس عزيز، وذلك بعد اتص اعتذار مباشر من الملك المغربي للرئيس السابق عزيز .. سعيا إلى فتح صفحة جديدة، ليبدأ الطرفان مفاوضات صعبة تنازلت بموجبها المغرب عن كثير من تصلبها تجاه مطالب موريتانيا وخصوصا فيما يتعلق بقضية المعارض محمد ولد بوعماتو.
التقارب الجديد
أخذ الطرفان عدة إجراءات جديدة للتقارب خصوصا مع جنوح المغرب للقبول بكل شروط الرئيس عزيز، تمهيدا لتطبيع العلاقة مع موريتانيا واستعدادا لعلاقة أكثر تطورا مع نظام الرئيس الجديد محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي يتجه إلى الجمع بين الحياد في قضية الصحراء، والتقارب مع الرباط، وهو جمع صعب المسار في ظل تناقض مطالب الأطراف المحيطة بالصحراء