أقدم النظام الموريتاني الحالي على إصدارتعليماته بالإعتداء على مقر “الحزب الوحدوي الديمقراطي الاشتراكي”، حيث احتلت الشرطة المقر الرئيسي للحزب، مساء الثاني عشر من أغسطس 2020، وعبثت برموزه ولافتاته، في تحد سافر لدستور البلاد والقوانين والنظم التي تحكم نشاطات الأحزاب السياسية الوطنية. وبعد عجزها في محاولتها “الاستئناف لصالح القانون” أمام الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا، تفاجأ الرأي العام بقرارها حظر نشاطات الحزب لمدة 90 يوما دون أدنى مبرر. فبعد أكثر من عشر سنوات من الجهود الرسمية والأهلية الدؤوبة لترسيخ قواعد الحريات الفردية والجماعية، جهود مكنت موريتانيا من تبوء مواقع متقدمة إقليميا ودوليا بشهادة عدة منظمات مهنية ذات مصداقية، ها هو النظام الحالي ينسف هذه الجهود في أول فرصة، ليعيد البلاد إلى مربع الاستهداف الشخصي وتصفية الحسابات السياسية والدوس المتعمد على حقوق المواطنين الأساسية في التنظيم والتعبير والتظاهر، بعد سنة واحدة من الحكم. ويجدر بنا أن نذكر النظام الذي يتبجح بمفهوم “الأخلاق” في كل مناسبة، أنه من أبجديات أخلاق دولة القانون الاحترام الصارم لهذه الحقوق التي بغيابها تعود البلاد إلى حقبة الاستبداد التي عرفتها خلال أحلك فترات تاريخها السياسي المعاصر.
لقد اعترف رئيس البلاد الحالي في خطابات ترشحه وتنصيبه ومن أعلى منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك وفي أكثر من مناسبة أخرى، بالنجاحات الكبيرة التي حققتها موريتانيا على أكثر من صعيد، خلال “عشرية” ظل يلعب فيها دور الشخصية الثانية -الفعلية- في هرم السلطة ؛ وما إن برز الجدل داخل الحزب الحاكم حول “المرجعية”، حتى غير مواقفه من “العشرية” بشكل جذري وبدفع من جهات معروفة وطنيا، حيث أصبح الرئيس السابق “مجرما” قبل الحصول على أدنى دليل على ذلك. لقد تهاوى بيت عنكبوت الإفتراءات الواحد تلو الآخر، بدءا ببيع جزيرة “التيدره” ومرورا بقضية “السنوسي” و انتهاء بمحاولة المساس باستقرار البلاد، ليُغرق النظام السلطات الثلاث في وحل التحضير لمحاكمات سياسية ستجعل البلاد مسخرة إقليميًا ودوليا.
ويجدر بالقوى الوطنية السياسية والحقوقية والمعنوية الوقوف في وجه محاولة العودة بالبلاد إلى منطق التعسف والاستعداد لكل أشكال النضال التي تسمح بها القوانين والنظم الموريتانية دفاعا عن الحريات الفردية والجماعية وذودا عن كرامة الشعب الموريتاني ومصالحه الحيوية.